لا يتمثل الربيع العربي في الحكومات التي تولت بعد سقوط الأنظمة. إنما الشباب العربي هو الذي بدأ الثورة وتبنى وحمى مشروعها العظيم. إن ربيعنا يتمثل في هؤلاء الشباب الذين سئموا من دول الفساد والاستبداد من دول يسيطر عليها فرد واحد أو عائلة واحدة. إنه الشباب الذي يحلم بدولة تسودها المساواة في ظل المواطنة، بدولة تضمن الحرية والكرامة الإنسانية. هذا الشباب هو الذي كانت لديه القوة والشجاعة على التضحية من أجل إسقاط تلك الأنظمة وتغييرها. لذلك ينبغي ألا يُقوّم نجاح ثورات الربيع العربي بناء على نجاح أو فشل الحكومات التي تولت زمام الحكم بعد سقوط تلك الأنظمة. بل يجب الحكم على هذه الثورات بناء على مدى قدرة الشباب العربي على الاحتفاظ بثقته بذاته وقدرته على الاستمرار في عمله الثوري لضمان تحقيق أهداف ثورته، ومقاومة الانحراف عن الغايات التي قامت من أجلها الثورة.
يمكن القول إن أول درس نستخلصه من الربيع العربي هو أن الحكومات والمسؤولين يعتبرون مذنبين وعليهم كل يوم أن يثبتوا براءتهم وعلينا أن نعتبرهم مشروعات مستبدين وألا نعتمد على حسن نواياهم. ولن نثق في حسن نواياهم إلا من خلال الرقابة والمساءلة الشعبية التي تواكب العمل الثوري المستمر في الشوارع والميادين. ومن ثم إن حراك الشوارع والميادين في بلدان الربيع العربي هو مقياس نجاح ثورات الربيع العربي وليس قدرة الحكومات على خداع أو إسكات الشباب. تحية إجلال للشباب في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، وتحية أيضا لجميع الشوارع والميادين للشباب الذين لم يقتنعوا بعد. باختصار لا حاجة للقلق أو الدهشة. هذا هو الربيع العربي. هذا هو ربيعنا الممتد. أنظمة مسؤولة أمام الشعب وحكومات تديرها الميادين.